ناصر: الصحف الورقية تحتضر و800 جنيه حصيلة اليوم.. وعبد الخالق: الجرائد تُستخدم فى الأكل والتنظيف ويبقى عامان على انقراض الصحف.. وصالح: زيادة أسعار الصحف أمر وارد
تحرير:مؤمن عبد اللاه٢٥ يونيو ٢٠١٩ - ٠٥:١٦ م
فى خطوة تتعارض مع الواقع المرير الذي تعاني منه الصحف الورقية والتى تكاد تحتضر، أعلنت الهيئة الوطنية للصحافة، أمس الإثنين، زيادة أسعار الصحف الصادرة عن المؤسسات الصحفية القومية بقيمة "جنيه واحد" لكل من الصحف اليومية والأسبوعية اعتبارا من يوليو المقبل، على أن يرتبط رفع السعر بالارتقاء بها، وطالبت الهيئة -من خلال خطة تفصيلية- بتطوير المحتوى التحريري، الأمر الذى كان محل استياء جميع المهتمين بشأن الصحافة بوجه عام، والعاملين بها بصفة خاصة، معتبرين أن هذا القرار هو المسمار الأخير فى نعش الصحافة الورقية التى تصارع من أجل البقاء.
«التحرير» كانت
موجودة بجوار عدد من بائعي الجرائد فى
اليوم التالي لإصدار القرار، إذ بدت على
ملامحهم علامات الترقب والخوف من المستقبل، كما تم رصد ومعرفة انطباعهم من القرار ومدى تأثيره عليهم
وعلى نسبة مبيعات الجرائد، وهل من الممكن
أن يتسبب في هجرتهم
هذه المهنة التي أخذت من عمرهم الكثير.
الصحف
«التحرير» كانت
موجودة بجوار عدد من بائعي الجرائد فى
اليوم التالي لإصدار القرار، إذ بدت على
ملامحهم علامات الترقب والخوف من المستقبل، كما تم رصد ومعرفة انطباعهم من القرار ومدى تأثيره عليهم
وعلى نسبة مبيعات الجرائد، وهل من الممكن
أن يتسبب في هجرتهم
هذه المهنة التي أخذت من عمرهم الكثير.
الصحف الورقية تحتضر
البداية مع أحمد مهدي الشهير بـ«ناصر»، الذى يعمل بائعًا للجرائد منذ ما يقارب 45 عامًا بمنطقة المهندسين، قال إن الصحف الورقية تحتضر فى الوقت الحالي وارتفاع الأسعار إلى 3 جنيهات سيكون بمثابة الضربة القاضية لها، لأن الغالبية العظمى من القراء يعتمدون على الإنترنت فى الحصول على المعلومة، وانصراف الشباب إلى وسائل التكنولوجيا الحديثة فى معرفة الأخبار.
وأضاف ناصر فى تصريحات لـ"التحرير"، أن "عدد القراء فى تراجع مستمر، إذ يقل من شهر إلى آخر بواقع 2% عن السابق"، بجسب قوله، مشيرًا إلى أن "عملية الزيادة سوف تعود بالنفع على الجرائد، لكنها على الجانب الآخر سوف تُصيب عملية البيع بالركود لأن القارئ فى الماضي كان يحصل على 3 جرائد وبعد قرار الزيادة سيكتفي بـجريدة واحدة فقط"، مشددا على أن «الزبون المستمر» سوف يتحول إلى قارئ متقطع.
فئة القراء
وعن الفئات العمرية الأكثر إقبالًا على شراء الجرائد، قال «ناصر» إن الغالبية العظمى من القراء من كبار السن وغير القادرين على التعامل مع الإنترنت والوسائط الحديثة، وتبدأ من 30 عاما فيما فوق.
وشدد على أن «هناك أوجه اختلاف كثيرة بين الجرائد فى الماضي والحاضر، أولها غياب المصداقية وعدم مهنية بعض الصحفيين وتزييف الحقائق وفراغ المحتوى والاعتماد على الإثارة»، متابعًا: «أنا مابصدقش فى الجرنال غير تاريخ الجرنال وصفحة الحوادث.. للأسف ثلاثة أرباع الجرنال كدب».
نسبة التوزيع
وأكد ناصر أن القراء كانوا يقفون طابورًا من أجل الحصول على «أهرام الجمعة» لقراءة مقال عبد الوهاب مطاوع «دلوقتي القارئ مابياخدش أهرام الجمعة غير علشان يأكل عليها».
وأكد ناصر أن الحل الأمثل لعودة القراء إلى الجرائد الورقية يتمثل فى عدم إتاحة المحتوى الخاص بالورقي على الإنترنت إلا بعد مرور 10 ساعات على الأقل من طباعته، مشيرًا إلى أن نسبة المرتجع تتراوح بين 8 إلى 10% من الجرائد، لأن نسبة التوزيع فى تراجع مستمر.
عصر الثورة والازدهار
وفى هذا السياق، أكد أحمد عبد الخالق
بائع جرائد بشارع جامعة الدول العربية في منطقة المهندسين منذ 25 عاما، أن قرار الهيئة الوطنية
للصحافة برفع أسعار الجرائد
الورقية، يقضي على ما تبقى من الصناعة ويسهم فى نفور القراء
من شراء الصحف، لأن نسبة التوزيع فى الوقت الحالي انخفضت إلى النصف مقارنة بنسبة التوزيع فى أعقاب
ثورة يناير إذ وصلت إلى أعلى معدل لها فى الألفية
الجديدة ثم بدأت تقل تدريجيا.
وأضاف
عبد الخالق فى تصريحات لـ"التحرير"، أن "ثمن الجريدة وصل إلى ثلاثة جنيهات مع ثبات المحتوى والمضمون، سوف يقضي ذلك على حركة
البيع لدى فئة كبيرة من القراء التى تسخدم الجرائد فى الأكل
عليها أو استخدامها فى التنظيف وهذه الفئة
سوف تنقرض، ما عدا المحبين لقراءة الجرائد «مش
هيفرق معاهم بـ3 جنيه ولا بـ2» التى
سوف تستمر فى شراء الجرائد ولكنها سوف
تقلص عدد الجرائد التى سوف تشتريها «اللي كان
بيشتري 3 هيشتري 1»".
حجم المبيعات
وتابع
عبد الخالق، "كنت أقوم ببيع ما يزيد على 1500 نسخة
فى اليوم الواحد، فى حين أن عدد النسخ التى أبيعها الآن لا تتجاوز الـ 500 نسخة، ومع زيادة الأسعار بداية من يوليو بالتأكيد
سوف تقل".
وأردف: "فى الماضي كان عدد الجرائد فى مصر لا يتجاوز 4 جرائد، وكانت تتحلى بمصداقية وتنافسية كبيرة بالإضافة إلى جودة كبيرة من حيث المحتوى حتى وصلنا إلى أن القراء كانوا ينتظرون أهرام الجمعة فى الشوارع، بينما فى الوقت الراهن بلغ عدد الإصدارات اليومية12 إصدارًا، ولكنها أصبحت عديمة التأثير.
عامان على الانقراض
وقال عبد الخالق إن الجرائد الورقية ليس أمامها إلا موسمان ومن ثم سوف
تنقرض نهائيا، ولن يكون لها أى وجود فى
الأسواق ولن تطبع من جديد، مؤكدا أنه
بدأ يفكر جديا فى تغيير مجال العمل
الخاص به أو الاتجاه إلى العمل فى بيع
الكتب كبديل عن الجرائد، نظرا لأن هامش
الربح في تناقص مستمر وهو ما سوف يؤدى إلى
انقراض بائع الجرائد.
وعن
الحل الأمثل لاستمرار بيع الجرائد، قال
إن الحل هو تقليص عدد صفحات الجرائد وتثبيت
ثمن الجرائد ليكون 2 جنيه،
مشدد على أنه كان يتحصل على مبلغ 150 جنيها
فى اليوم، وفى الوقت الحالي أصبح إجمالي المكسب 75 جنيها،
ومن المؤكد أنه سوف يقل عقب ارتفاع الأسعار
إلى 50 جنيها
فى اليوم، وهذا مبلغ متدنٍّ للغاية لا
يتماشى مع ارتفاع الأسعار ومتطلبات
الأسرة.
الصحف الورقية باقية
أحمد
صالح، بائع جرائد بشارع عبد المنعم رياض
بالجيزة الذى يعمل بمهنة بيع الجرائد
منذ عام 84 أى
ما يقرب من 32 عاما،
أكد أن زيادة أسعار الصحف أمر وارد
وتم التمهيد له مسبقًا منذ أكثر من 6 أشهر،
ويأتى فى الوقت الذى لا يتوفر فيه لدى المؤسسات
الصحفية بديل آخر فى ظل الحالة الاقتصادية
التى تمر بها هذه المؤسسات، مشدد على أن حالة البيع سوف تتأثر لمدة شهر أو اثنين
ومن ثم سوف يعاود القارئ شراء الجرائد من
جديد.
وأوضح
صالح فى تصريحات لـ"التحرير"، أن "بائعي الجرائد سوف يعانون بنسبة كبيرة، ولكن المحب لهذه المهنة سوف يتمسك
بها، ونسبة ضعيفة من محبي قراءة الصحف سوف
تلجأ إلى هجرها لا تتجاوز الـ2%".
وتابع: "أسعار الصحف
دائما ما تتحرك فعندما بدأت العمل فى هذه
المهنة كانت قيمة الصحيفة 5 قروش
للنسخة، لترتفع بعدها إلى 20 قرشا،
ثم ربع جنيه، ثم 40 قرشا مرورا بعدد من الزيادات حتى وصلت الأسعار إلى 2 جنيه للنسخة".